قصة حينما تعوي الذئاب قصة قصيرة الجزء الاول

قصة حينما تعوي الذئاب قصة قصيرة الجزء الاول
حينما تعوي الذئاب ... الكاتبه ::: هناء الوكيلي

روايتي الجديدة تختلف عن سابقتها، بل عن كل ما كتبت قبلها، أو بعدها..

سترون فيها رؤية أعمق، لحياة اقتربت منها في فترة ما في حياتي حينما كنت

في الثانوية..سمعت أحاديث، جعلت أنفاسي تتوقف دهشة

-أحقا هناك أناس يعيشون هكذا حياة؟؟؟

سؤال رددته في كل فصل من فصول حكايتي..

-أجل هناك أناس يا روح..

تعالي سآخذك إلى هناك حيث يوجد حي الذئاب..

-هل تسمح لي يا رفيقي..

أن آخذ مفكرتي، مصورتي، وقلمي معي..

-بالطبع لك ذلك يا روح..

استعدوا سنقلع بعد قليل..

ملاحظة: أتمنى ألا يتم مناقشة الرواية وكأنها رأي لي، إنها مجرد رؤية واقعية

لحياة ما، لا تعني بالضرورة أني أوافق على ما يحدث فيها..

اعتقدت أنه ربما الحديث عن هذه الفئة، تقربنا من بعض حياتها، وكذا انفعالاتها

ورأيي أنا أحب أن أحتفظ به لنفسي،


روح طيبة
ولدت حيث لا توجد المحرمات..
حيث لا نعترف بالعيب
حيث نصنع القوانين بأنفسنا
حيث يخضع الجميع لقانون واحد
السلاح
ولدت حيث يمكننا أن نموت قبل أن نولد
في عالم آخر...لا يعلم عنه الكثيرون..
في عالم يعتقد بعضهم أنهم طوق النجاة
لنا...فلا يترددون في التفكير مكاننا..
هنا ولدت...هنا سأموت...
الذئب....
هذا الصباح وكعادة كل بداية أسبوع تكون المحكمة مكتظة، فكل من له قضية يأتي

للاستفسار عليها صباح الاثنين وكأن لا أحد يتواجد في بقية الأسبوع..

ومع حرارة الصيف، يزيد لباس منى وثوبها الأسود، الذي لطالما حلمت وهي صغيرة أن

تلبسه من عرقها..

تعلم جيدا أن خبرتها في مجال المحاماة لا تزال حديثة العهد، ولا تقارن بغريمها السيد

شوقي السوري الأصل والذي يطلق عليه أصحابه قلب القانون..

اسم تجده منى مثيرا جدا..

"قلب القانون"

سمي بهذا الاسم لأنه يعلم كيف يجعل القانون يتزعزع

فيثير الشك في فصوله وبنوده، لم يخسر أي قضية خاضها أبدا..

بدأ الخوف يتسلل قلبها، فاستجمعت قوتها وارتشفت من قهوتها السوداء رشفة أحرقت

لسانها، نهضت وهي تضغط على فمها بيديها، ثم بعد ذلك حملت محفظتها وتوجهت إلى

سجن القنيطرة..

أخذ مشوارها حوالي ساعة ونصف مع أنه عادة لا يأخذ إلا ساعة إلا ربع، لكن وطبعا لأنه

يوم الاثنين فالطرقات تمتلئ على رأسها..

ضغطت على بوق سيارتها الصغيرة، وأطلقت شتيمة للسيارة التي كانت تصر على وقوفها،

أخرجت رأسها من النافذة، وهي تصرخ:

-أنت أيها الحيوان تقدم

لم تكن هذه هي طبيعة منى عادة نحو الأمور، لكنها اليوم تشعر بالحر، وأعصابها

مضغوطة بشكل كبير..

نزل أخيرا ذلك الشاب الذي يتباهى بقرطه الذي، يقبح منظره وكأنه ثور، لا طالما استغربت

من هؤلاء الشبان الذي يثقبون أنوفهم، ويزينوها بقرط كما النساء..

أتساءل كيف يستطيعون النظر لأنفسهم بالمرآة وهم بهذا الشكل؟؟

لا أستطيع تخيل نفسي كذلك ولو في أحد كوابيسي..

عدلت نظارتها الطبية وهي تقول:

-اسمع أنا آسفة لأني شتمتك..لكني شعرت أني فقدت سيطرتي..

قال بصوت ملؤه السخرية:

-هل أستطيع استعمال هاتفك؟؟ فهاتفي انتهى شحنه، وسيارتي كما يبدو لا تريد التحرك..

نظرت إليه نظرات متشككة قبل أن تنظر لساعتها، وتقول:

-حسنا خذ لكن بسرعة فلدي موعد..

ابتسم لها وهو يأخذ الهاتف منها..

بعدها أجرى مكالمة، أحست منى أنها ستكلفها كثيرا، وهذا الشاب وعلى ما يبدو متعود

على الحديث الفارغ أخيرا سمعته يقول:

-حسنا شكرا لا عليك سأتدبر أمري..

هز كتفيه وهو يرجع لها هاتفها:

-آسف لقد أزعجتك

بصوت مقتضب:

-لا عليك هل ستكون بخير؟؟

سؤالها أشعرها وكأنها ستتركه في غابة، وليس وسط المدينة

ضحك وهو يعقد ساعديه أمامه قائلا:

-أتمنى ذلك

ابتسمت وهي تقول من باب الاتكيت لا غير

-هل تحتاج لشيء؟؟

تنهد وهو يقول:

-بما أني مفلس فما علي إلا انتظار صديقي للقدوم بعد انتهاء عرضه إلي..

هزت رأسها متفهمة وقد كانت ستدير محركها، لكن احد شياطينها الذين يتملكون عقلها

رفض وقد باغتها بعرض لم تتوقعه:

-هل تحب أن أوصلك بطريقي؟؟

نظرتها أظهرت أنها لم تتوقع أن تقول مثل هذا العرض، لكنها على أي حال قد عرضت

مساعدتها..لشاب لا يمت لها بصلة؟؟

أي جنون هذا يا ربي؟؟

تمنت أن يرفض لكنه قال بمرح:

-أووه سأكون ممتنا لك كثيرا، انتظريني سأحضر آلتي معي..

دفنت رأسها في مقود السيارة، وهي تقول برعب:

-يا ويلي حتما سيقطعني إربا..ذهب لجلب ساطوره يا ويلي سأموت قبل أن أثبت نفسي...

تقدم ناحيتها وهو يحمل قيتارا كبيرا أسودا، بين يديه وضعه في خلف السيارة، بخفة ثم

ركب بنفس الخفة بجانبها، نظرت إليه نظرة جانبية وابتسمت ابتسامة مرتعشة..

طال الصمت بينهما، أشعلت الراديو، عادة لا تحب أن تسمع لشيء حينما يكون لها جلسة

مع أحد موكليها، لكنها اليوم تتمنى وبشكل كبير أن تقطع هذا الصمت الذي يجعلها تفكر في

الأسوأ دائما.

-هل أنت طالبة؟؟

استنشقت بعضا من هواء المكيف البارد، وهي تجيب باختصار:

-لا

صحيح أنها تتمنى لو ينقطع هذا الصمت لكن ليس معناه أن تتجاذب الحديث مع هذا

الشخص الغريب، والذي تشك أنه سينقض لخنقها في أي لحظة..

دس يديه في جيبه، فشهقت منى بأعلى صوتها..حتى أنها أرعبت ضيفها..

وحينما بدا لها محرما من الثوب المطرز يمسح به عرقه، تنفست الصعداء

ابتسم وهو يتساءل بهدوء:

-هل أنت خائفة مني؟؟

هزت رأسها إيجابا

فأرخى جسده على المقعد الرمادي الجديد، للسيارة، وهو يقول:

-أنا عضو بالفرقة الموسيقية القادمة من المكسيك..

"نظرت إليه في دهشة فتابع يقول"والدي مغربي وأمي مكسيكية الأصل، وقد قدمت كثيرا

في حفلات عدة للمغرب، آخرها السنة الماضية في مهرجان موازين..

لا اعتقد أنه يبدو علي أني كأحد المجرمين

-أكبر المجرمين الذين سجلهم التاريخ لم يكن يبد عليهم ذلك..

اعتدل في جلسته وهو يراقبها جيدا، ثم سألها:

-ماذا تعملين؟؟

أحكمت قبضتها على المقود وهي تجيب:

-محامية

بدت التسلية عليه وهو يقول:

-لذلك أنت خائفة، فقد رأيت الكثير من المجرمين..

هزت رأسها إيجابا فسألها:

-هل لديك مرافعة الآن؟؟

تناولت قنينة من الماء، وارتشفت منها ثم أجابت:

-لا لدي جلسة مع احد السجناء

بدا الفضول عليه وهو يقول:

-وما تهمته..؟

قالت بلا مبالاة:

-القتل العمد..

همهم مطولا وكأنه يستنتج شيئا ثم أخيرا قال:

-سيحكم عليه بالمؤبد

بدت أكثر جدية وهي تقول:

-بل حكم عليه بالإعدام..

أخيرا وصلت للمدينة، فنزل الشاب وهو يشكرها، بعدما مد إليها بطاقة دعوة لدخول

للمسرح بالعاصمة، لشخصين وهو يقول:

-سأنتظر قدومك لأشكرك على ما فعلته

ابتسمت له وهي تهز رأسها...

بعدها وضعت البطاقة بين أوراقها، وما هي إلا دقائق حتى كانت توقف سيارتها الصغيرة

أمام السجن هناك..

قطعت ذلك الممر الطويل، مع أحد حراس السجن، ثم توقفت لحظة حتى فتح لها باب كبير

واسع اعتادت دخوله، يتوسطه مكتب بني كبير، وكرسيين..

ورأته..

فجأة دون سابق إنذار، ربما كانت وقتها شاردة في شيء ما، حتى لم تشعر بدخوله للغرفة

يتوسط حارسين، مكبل القدمين والرجلين، لكنه أطول مما توقعت، وأقوى أيضا..

منحته ابتسامة ودودة، رغم تلك الرهبة التي شعرت بها..

حتى جلسته على الكرسي كانت تختلف كثيرا، وتوحي بقوته..

وضع كلتا يديه على حافة المكتب وتأملها بابتسامة راضية..

مالت بجسدها ناحيته وهي تحاول بشتى الطرق التي تعلمتها من تجربتها السابقة

والمتواضعة أن تكبت خوفها:

-الذئب..هذا هو الاسم الذي عرفت به، دائما والذي زرع الخوف لسنوات في المدينة

لطالما تمنيت أن أحظى بشرف الجلوس معك..

ابتسم بسخرية وهو يقول:

-ها قد تحقق حلمك، يسرني أني حققت حلم شخص قبل أن أموت..


عدلت نظارتها وهي تقول:

-لم أنا بالضبط،؟ رغم أن العديد من المحاميين عرضوا مرافعتهم لك وبالمجان..

تراجع قليلا حتى خيل لها أنه سيقع:

-طوال حياتي لم آخذ شيئا لم أدفع ثمنه..ببساطة لأني أومن أنه لا شيء مجاني في حياة

الذئاب..

-لكن خبرتي لا تزال ضئيلة

ابتسم وهو يقول:

-لذلك السبب ستسعين لتثبتي جدارتك بين عالم الأفاعي الذي ترعرعت فيه..

"وتابع بلا مبالاة"وتأكدي ستحصلين على شهرة كبيرة سواء أعدمت أو نزل

الحكم للمؤبد وهكذا أكون قد دفعت لك...

اعترفت بحزن:

-لكني لا أخفيك سرا أنا خائفة

ابتسم وهو يقول:

-لطالما كنت خائفا طوال حياتي..

بعدما تأكدت أنه سيسره أن تترافع كمحاولة أخيرة عنه،

نثرت أوراقها أمامها قبل أن تقول:

-أخبرني كيف وصلت لهذا؟؟

ابتسم وهو يشير إليها بالتقرب إليه، وحينما اقتربت همس لها:

-حسنا سأخبرك كيف أوصلوني إلى هذا..

بدأنا

العواء الأول
نجاح



قبل أن تطرق الباب أخرجت كعادتها مرآة صغيرة على شكل قلب، وإن كسرت حوافها لكنها

لا تزال تفي بالغرض، وألقت نظرة على وجهها الذي تكسوه سمرة الصيف، لتبلل أحد

أصابعها بريقها وترتب حواجبها البنية والمرسومة بعناية،أنزلت بعضا من خصلات شعرها

الأشقر على وجهها، ووضعت حمرة خفيفة على شفتيها الصغيرتين ومن نفس أحمر

الشفاه مسحت منه على وجنتيها كي تعطيها حمرة ورونقا كابنة عمتها الصهباء التي

قضت عندهم هذا الأسبوع، تنفست بعمق وعادت تحمل تلك السلة الصغيرة والممتلئة

بفطائر محلاة أعدتها لهذه المناسبة والتي انتظرتها مطولا..

وفجأة فتح الباب ليتسمر وجهها والذي أصبح مدرجا بالحمرة الطبيعية، والتي يسببها

وقوفه أمامها..

تاهت عما ستقوله وقد سبق وأن جهزت كلاما يليق بهذه المناسبة لكنها كعادتها تتوه أمام

نظراته، أما هو فقد عقد ساعديه أمامه وأسند جسمه القوي على الحائط يمتع نفسه

بارتباكها وخجلها..ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول أن تجعل عبثا صوتها طبيعيا ثم

همست وقد أخفضت عينيها العسليتين والتي تحيطهما أهداب طويلة:

-هل خالتي زهرة موجودة؟؟

بدت التسلية تطفوا على عينيه وهو يقول في خبث لم يخف عليها كي يزيد من إحراجها:

-وهل قدمت من أجل خالتك؟؟

تنحنحت قليلا وهي تقول في صوت أشبه بالهمس:

-جئت أراها وأقول لك ألف مبروك

علت ضحكته وهو يجيب:

-لو لم تنطقيها لكنت غضبت منك

هذه المرة استطاعت أن تنظر إليه وهي تقول:

-لقد كنت سعيدة بالخبر وأنت تستحق كل خير..

أجاب وهو يسمح لها بالمرور لتدخل للمنزل:

-شكرا لك لكن قريبا سآتي لأشرب فنجان القهوة مع عمي

ارتعشت وحمدت الله أنها كانت قد أعطته ظهرها وإلا لانفجر ضاحكا على وجهها والذي

تعلم جيدا أنه أصبح كالطماطم الآن

-وماذا ستخبره أنك لا تزال تبحث عن عمل؟؟

كان هذا جواب أخته سمرا وهي صديقة ليلى وجارتها، والتي أشارت لها وهي تمنحها سلة

الفطائر بالصمت بينما قالت في خفوت:

- سترين سيشتغل غدا بإذن الله ويصبح مهندسا رائعا..

ضحك صلاح وهو يتناول إحدى الفطائر ويتذوق طعمها اللذيذ، ليقول:

-هل رأيت صديقتك موافقة علي..؟؟

ازدادت حمرتها وهي تقول في غضب مصطنع:

-هذا جزائي لأني دافعت عنك..

جذبتها سمرا من يديها وهي تقول:

-لا تعيريه انتباها منذ حصوله على المركز الأول على دفعته، وهو هكذا مغتر بنفسه

فتحت ليلى عينيها اندهاشا، هي تعرف أن صلاح ما شاء الله شاب مجتهد وكل الحي يشهد

له بحسن سلوكه ورغم أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرون إلا أنه أنهى دراسته الجامعية

بعدما درس ثلاث سنوات بعد الباكلوريا، في معهد متخصص لتهيئة المهندسين وقد حصل

على المركز الأول أيضا، ثم بعد ذلك اشتغل مع والد ليلى بالمعمل الذي يشتغل فيه وقد

توسط له، لكنه وكعادته والحمد لله لم يخجله بل بالعكس كان المدير معجبا به كثرا، لكن مع

ذلك لم تستطع أن تمنع نفسها من الانبهار وهي تتساءل:

-هل حصل على المركز الأول؟؟

هزت سمرا رأسها وهي تقول في سخرية:

-بعض الناس محظوظة

وكزتها ليلى على كتفها وهي تنهرها:

-لا تقولي ذلك يا سمرا كلنا نعلم أن صلاح مجتهد حفظه الله ورعاه

تعالت ضحكة سمرا وهي تتأكد من خروج صلاح:

-دافعي عنه طبعا ومن يشهد للعروس؟؟

احمرت ليلى وكتغيير للموضوع سألت:

-أخبريني أين خالتي زهرة؟؟

خرجت امرأة في الأربعينات من عمرها، من إحدى الغرف الواسعة التي تتواجد في الطابق

السفلي، لتسند نفسها بصعوبة على جدار الغرفة وهي تلهث من شدة التعب:

-أنا هنا يا غاليتي

أسرعت إليها ليلى وهي تقبل يديها بحب، وتساعدها على السير حتى البهو الفسيح والذي

تتوسطه نافورة قديمة لم يعد بها ماء، وتجلسها على إحدى الكنبات المغربية الأصيلة

والتي تغير لونها من كثرة الاستعمال، مع أنها لا تستعمل إلا للمناسبات، وكم من مناسبة

مرت عليها، وكم من عائلة طلبتها لها في مناسباتهم أيضا؟

-لا تتعبي نفسك يا خالتي

ابتسمت زهرة وهي تربت على شعر ليلى، لتقول بحنان:

-أتمنى أن أراك عروسة يا ليلى

أحنت رأسها للأرض وهي تجيب:

-إن شاء الله و ترين أولادي أيضا

خرجت سمرا من المطبخ السفلي حيث كانت تجهز للحفل بالمساء، وهي تقول في تذمر:

-هل قدمت لمساعدتي أو للحديث مع والدتي؟؟

رفعت ليلى حاجبيها وغمزت بعينيها وهي تهمس للوالدة:

-علي أن أذهب وإلا جذبتني من شعري..

بعد ذلك انهمكتا في الحديث وهما يجهزان الطعام ويصففان الحلويات وكؤوس الشاي في

الصواني، قالت سمرا وهي تمسح يديها:

-لقد انتهينا..

"هزت ليلى رأسها إيجابا في حين تابعت سمرا بحماس"سأذهب علي أن أغير ملابسي

بعدها يمكنك الذهاب أيضا لتغيير ملابسك يا ليلى.

أجابتها ليلى:

-لقد جلبت معي ملابسي إلى هنا،

-جيد إذن سأغير أنا بعدها تذهبين أنت اتفقنا

-حسنا..

تنهدت ليلى وهي تتأمل المطبخ الصغير والذي يسع شخصين فقط كأكثر تقدير، لكن مع ذلك

كل شيء نظيف ومرتب، تأملت الرفوف البسيطة والتي تتدلى منها ستائر صوفية نسجتها

والدة صلاح حينما كانت بصحة جيدة قبل أن ينهكها المرض، ولمست بأناملها قطع الزليج

المغربي القديم والذي كسرت بعض من قطعه بفعل الزمن، البيت يعود في الأصل لجدود

والده رحمه الله وهو الإرث الوحيد الذي حظي به أولاده بعد موته، ورغم أن البيت أكل

عليه الزمان، إلا انه لا يزال دافئا، ويبعث بالأمان..

-كيف حال الجميلة؟؟

انتفضت من مكانها وهي تقول بصوت حازم:

-بخير

تفحصها من شعرها حتى أخمص قدميها بنظراته الوقحة والتي لطالما كرهتها ليلى وهو

يقول في خبث:

-هل جئت لتهنئة المهندس؟

قالت في اشمئزاز:

-هل أنت سكران؟؟

ضحك وهو بالكاد يستطيع أن يصلب طوله، ليجيب:

-خمر؟؟ أعوذ بالله إنه مجرد صاروخ كتامي "كتامة هي إقليم بالمغرب معروف بزراعة

الكيف ومعروفة بالحشيش الجيد ورغم الجهود المبذولة من طرف الدولة إلا أنها لا تزال

عاجزة على التصدي لهذه الآفة والتي تدمر الشباب يوما بعد يوم"

إرسال تعليق

أحدث أقدم